التدخين

هل السيجار صحي أكثر من السجائر؟

هل السيجار صحي أكثر من السجائر

يدور الجدل حول ما إذا كان السيجار صحي أكثر من السجائر منذ سنوات. يحتوي كلٌّ من السيجار والسجائر على التبغ، مما يعني أن كلا المنتجين يحمل مخاطر صحية. ومع ذلك، فإن طريقة استهلاكهما، وتركيبهما، وتكرار استخدامهما تُحدث اختلافات كبيرة في تأثيرهما المحتمل على الصحة. فبينما يُجادل البعض بأن السيجار يُشكل خطرًا أقل نظرًا لاختلاف عادات التدخين، تُشير الأبحاث العلمية إلى أن أيًا من الخيارين ليس آمنًا تمامًا. تستكشف هذه المقالة المخاطر الصحية المرتبطة بالسيجار والسجائر، مُقارنةً آثارهما على الجسم، واحتمالية الإدمان، والآثار الصحية العامة.

محتوى التبغ وتركيبه

أحد الاختلافات الأساسية بين السيجار والسجائر هو كمية ونوع التبغ المُحتويين عليه.

عادةً ما يكون السيجار أكبر حجمًا ويحتوي على كمية تبغ أكبر بكثير من السجائر. يُمكن أن يحتوي سيجار واحد كامل الحجم على كمية تبغ تُعادل علبة سجائر كاملة. بالإضافة إلى ذلك، يُغلّف السيجار بأوراق التبغ بدلًا من الورق، مما يؤثر على طريقة احتراقه ومستوى السموم التي يُنتجها. تُغيّر عملية التخمير المُستخدمة في تبغ السيجار تركيبه الكيميائي، مما يُؤدي إلى ارتفاع تركيزات بعض المواد المُسرطنة. علاوة على ذلك، تخضع بعض أنواع السيجار الفاخرة لعمليات تعتيق طويلة، مما قد يُعزز قوتها ونكهتها.

أما السجائر، فهي أصغر حجمًا ومُصممة للاستخدام المتكرر. تحتوي على تبغ مُصنّع، غالبًا ما يُخلط بإضافات كيميائية لتعزيز توصيل النيكوتين وتحسين تماسك الاحتراق. إن إضافة هذه الإضافات تجعل السجائر ضارة بشكل خاص، إذ يُمكن أن تزيد من امتصاص المواد السامة في الجسم. يحتوي دخان السجائر على آلاف المواد الكيميائية، بما في ذلك الأمونيا والفورمالديهايد، التي تُسهّل اختراق الرئتين بشكل أعمق وتُعزز خصائص النيكوتين المُسببة للإدمان.

الاستنشاق وامتصاص النيكوتين

من أبرز الفروقات بين السيجار والسجائر كيفية تدخينهما وامتصاص الجسم للنيكوتين.

صُممت السجائر للاستنشاق العميق، مما يسمح بامتصاص النيكوتين والمواد الكيميائية الأخرى بسرعة في الرئتين ومجرى الدم. يزيد هذا الامتصاص السريع من احتمالية الإدمان ويزيد من خطر الإصابة بأمراض الرئة، بما في ذلك مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) وسرطان الرئة. ولأن دخان السجائر يُسحب عمدًا إلى الرئتين، فإنه يزيد من التعرض للقطران والمواد الكيميائية السامة، مما يزيد بشكل كبير من مخاطر الجهاز التنفسي.

على النقيض من ذلك، لا يُستنشق السيجار عادةً إلى الرئتين، بل يُنفخ ويُحفظ في الفم. هذا يقلل من كمية النيكوتين والقطران التي تدخل الرئتين، مما يدفع البعض إلى الاعتقاد بأن السيجار أقل ضررًا. ومع ذلك، حتى بدون استنشاق، يُمكن امتصاص النيكوتين والمواد الكيميائية الضارة عبر الأغشية المخاطية للفم والحلق، مما يزيد من خطر الإصابة بسرطان الفم ومضاعفات صحية أخرى. إضافةً إلى ذلك، يستنشق العديد من المدخنين دخان السيجار دون قصد، خاصةً مع السيجار الصغير، مما يزيد من خطر إصابتهم بأمراض الرئة.

المخاطر الصحية و الأمراض

السجائر ومخاطرها الصحية

يرتبط تدخين السجائر ارتباطًا مباشرًا بمجموعة واسعة من الأمراض، بما في ذلك سرطان الرئة، و أمراض القلب، والسكتة الدماغية، وأمراض الجهاز التنفسي. يُعرّض الاستنشاق العميق لدخان السجائر الرئتين لمواد مسرطنة ضارة، مما يزيد بشكل كبير من احتمالية الإصابة بأمراض الرئة. كما يُسهم الاستنشاق المستمر لدخان السجائر في حدوث التهاب مزمن وإجهاد تأكسدي، مما يُفاقم مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية واختلال وظائف الجهاز المناعي.

مع مرور الوقت، يُمكن أن يؤدي استخدام السجائر لفترات طويلة إلى انتفاخ الرئة، والتهاب الشعب الهوائية المزمن، وضعف الجهاز التنفسي، مما يجعل المدخنين أكثر عرضة للإصابة بالعدوى وفشل الجهاز التنفسي. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي دخان السجائر على أكثر من 7000 مادة كيميائية، منها 70 مادة مسرطنة معروفة على الأقل، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان والأمراض الجهازية. إن الطبيعة الإدمانية للنيكوتين في السجائر تجعل الإقلاع عنها أمرًا صعبًا للغاية، مما يؤدي إلى إدمان طويل الأمد والتعرض لفترات طويلة لهذه المخاطر الصحية.

تدخين السيجار وآثاره الصحية

على الرغم من أن تدخين السيجار لا يرتبط عادةً بأمراض الرئة بنفس درجة ارتباطه بالسجائر، إلا أنه يحمل مخاطر كبيرة للإصابة بسرطان الفم والحلق والمريء. ونظرًا لعدم استخدام العديد من مدخني السيجار للفلاتر واحتراق دخانه لفترة أطول، فإن التعرض للمواد المسرطنة يظل مرتفعًا. ويسمح وقت احتراق السيجار الطويل بالتعرض لفترات طويلة للمواد الضارة، مما يعني أن تدخين السيجار حتى من حين لآخر يمكن أن يُسهم في عواقب صحية طويلة المدى.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي ارتفاع نسبة النيكوتين في السيجار إلى الإدمان ومخاطر صحية أخرى تتعلق بالقلب والأوعية الدموية. وقد أظهرت الدراسات أيضًا أن مدخني السيجار يواجهون خطرًا متزايدًا للإصابة بسرطان البنكرياس و ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين بسبب التعرض لفترات طويلة لسموم التبغ. علاوة على ذلك، وُجد أن دخان السيجار يحتوي على مستويات أعلى من أول أكسيد الكربون والأمونيا مقارنةً بالسجائر، مما قد يُسهم في زيادة إجهاد القلب والأوعية الدموية وتدهور الصحة العامة. بينما قد يعتقد البعض أن تجنب الاستنشاق يقلل من المخاطر الصحية، إلا أن امتصاص السموم عبر الغشاء المخاطي للفم لا يزال يشكل مخاطر جسيمة.

هل السيجار صحي أكثر من السجائر: الخلاصة

عند مقارنة السيجار والسجائر، لا يمكن اعتبار أي منهما خيارًا آمنًا. تُشكل السجائر مخاطر أعلى للإصابة بأمراض الرئة بسبب كثرة استخدامها واستنشاقها بعمق، بينما يحمل السيجار مخاطر كبيرة للإصابة بسرطان الفم والحلق والمريء بسبب محتواه العالي من التبغ والتعرض لفترات طويلة للمواد الكيميائية الضارة. بينما قد يجادل البعض بأن السيجار “أكثر صحة” لأنه يُدخن بمعدل أقل ولا يُستنشق بعمق، إلا أنه لا يزال يشكل مخاطر صحية جسيمة.

بالإضافة إلى ذلك، يُسهم كل من السيجار والسجائر في التعرض للتدخين السلبي، مما يؤثر على غير المدخنين ويزيد من خطر الإصابة بأمراض خطيرة. كما أن خصائص النيكوتين المسببة للإدمان الموجودة في كلا المنتجين تجعل الإقلاع عن التدخين أمرًا صعبًا، مما يزيد من تفاقم آثارهما الصحية السلبية. وفي نهاية المطاف، فإن أفضل طريقة لحماية الصحة هي تجنب استخدام التبغ تماما، حيث أن السيجار والسجائر تساهم في عواقب صحية سلبية طويلة الأمد، بغض النظر عن كيفية استهلاكها.

السابق
هيرو أونودا: الجندي الذي واصل القتال في الحرب العالمية الثانية لمدة 29 عاما