اضطراب الشخصية النرجسية هو حالة صحية عقلية تجعل الشخص يعاني من شعور متضخم بالأهمية الذاتية والحاجة المفرطة إلى الاهتمام والإعجاب، وعدم التعاطف مع الآخرين. يميل الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية النرجسية إلى الشعور بأحقية المعاملة الخاصة وقد يستغلون الآخرين أو يقللون من قيمة الآخرين للحفاظ على شعورهم بالتفوق.
يمكن أن تساهم تجارب الحياة المبكرة في تطور اضطراب الشخصية النرجسية – والذي يؤثر على حوالي 6٪ من السكان وهو أكثر شيوعا بين الأشخاص الذين تم تصنيفهم على أنهم ذكور عند الولادة. يتطور هذا الاضطراب عادةً في مرحلة البلوغ المبكرة ويمكن أن يؤثر بشكل عميق على الحياة الشخصية والمهنية للشخص. قد يكون علاج اضطراب الشخصية النرجسية أمرا صعبا، ولكن بعض أساليب العلاج النفسي يمكن أن تكون فعالة.
محتويات
أنواع النرجسية
- النرجسية المفرطة: تُعرف أيضا باسم النرجسية الصريحة، وتشمل أعراضها تقدير الذات المبالغ به، والحاجة المهووسة للإعجاب، ونقص التعاطف مع الآخرين، والشعور المبالغ فيه بالتفوق، بالإضافة الى الثقة المفرطة بالنفس، والعدائية والعدوانية عند التحدي، والاستعداد لاستغلال الآخرين لتحقيق مكاسب شخصية.
- النرجسية الضعيفة: تُعرف أيضا باسم النرجسية الخفية، وتشمل أعراضها فرط الحساسية (التحسّس) وانعدام الأمن والعصابية. غالبا ما يكون لدى الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من النرجسيه تقدير هش للذات، والخوف من الرفض، والرغبة الشديدة في الحصول على الاستحسان. قد ينسحبون من المواقف الاجتماعية أو العلاقات الاجتماعية عندما لا يتلقون الاهتمام والإعجاب الذي يتوقون إليه.
- النرجسية عالية الأداء: تُعرف أيضا باسم النرجسية الاستعراضية، وتشمل أعراضها السلوكيات المتكبرة والتنافسية والسعي وراء الاهتمام والسلوكيات الجنسية الاستفزازية. وغالبا ما يكون النرجسيون ذوو الأداء العالي نرجسيين منفتحين وواضحين ومتفاعلين اجتماعيا وناجحين للغاية، ويستخدمون صفاتهم النرجسية لتحقيق النجاح وكسب إعجاب الآخرين.
صفات الشخصية النرجسية
يتميز اضطراب الشخصية النرجسية بإحساس مبالغ فيه بالذات، ورغبة كبيرة في النجاح والقوة، ونقص التعاطف مع الآخرين، والحاجة المستمرة للاهتمام والإعجاب.
يظهر الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية النرجسية أعراض وصفات مثل:
- الشعور بالتفوق والتفرد والتميز
- المبالغة في إنجازاتهم وقدراتهم
- الانشغال بأوهام حول الجمال أو الذكاء أو المكانة أو النجاح أو الحب
- الحاجة إلى الاهتمام والموافقة المستمرين
- الحساسية المفرطة للنقد والفشل والرفض
- الشعور المتضخم بالاستحقاق
- استغلال الآخرين والاستفادة منهم لتحقيق مكاسب أنانية
- تجاهل مشاعر الآخرين وعدم القدرة على التعاطف
- توقع معاملة خاصة
يتم وصفهم أيضا بأنهم أنانيون ومتغطرسون ومغرورون. قد يحيط الأشخاص المصابون بالنرجسية أنفسهم بأشخاص غير عاديين وناجحين أو ممتلكات باهظة الثمن لتعزيز احترامهم لذاتهم.
أسباب النرجسية
لا يوجد سبب واحد لاضطراب الشخصية النرجسية، ولكن من المحتمل أن تلعب مجموعة من العوامل الوراثية والتجارب الحياتية المبكرة والعوامل الثقافية والبيئية دورا في إصابة الشخص بهذه الحالة.
تجارب الحياة المبكرة
تشير الأبحاث إلى أن تجارب الطفولة يمكن أن تساهم في تطور اضطراب الشخصية النرجسية، بما في ذلك:
- عدم تلقي الدعم العاطفي في الطفولة
- الرفض أو النقد من شخص عزيز
- تجارب سوء المعاملة أو الإهمال
- المديح المفرط
- الافتقار إلى الانضباط والحدود في مرحلة الطفولة
- الإفراط في الحماية الأبوية
- الأحداث المؤلمة
الوراثة
يمكن أن تسري النرجسية في العائلات، مما يشير إلى أن الجينات الوراثية قد تلعب دورًا في تطور هذا الاضطراب. وقد وجدت بعض الأبحاث المنشورة في المجلة الأمريكية للطب النفسي1 أدلة على وجود 94 جينا يمكن أن تزيد من خطر الإصابة باضطراب الشخصية النرجسية واضطرابات نفسية أخرى. يعتقد الخبراء حاليا أن وراثة جين معين من أحد الوالدين أو كليهما قد يزيد من خطر الإصابة بالنرجسية.
وجدت دراسة2 أخرى أن سمتين نرجسيتين يمكن أن تكونا موروثتين من والديك: العظمة والاستحقاق. ضع في اعتبارك: وجود تاريخ عائلي للاضطراب لا يعني أنك ستصاب بالنرجسية – ولكن، قد تكون أكثر عرضة لخطر الإصابة بالأعراض.
العوامل الثقافية والبيئية
يمكن للثقافة التي نشأت فيها أن تؤثر على بعض سمات الشخصية، بما في ذلك سمات اضطراب الشخصية النرجسية. تشير الأبحاث إلى أن السمات النرجسية أكثر شيوعا في الثقافات الفردية منها في الثقافات الجماعية. تؤكد الثقافات الفردية على أهمية الذات والنجاح والقوة والفردية، مما قد يزيد من النرجسية.
من ناحية أخرى، تؤكد الثقافات الجماعية على احتياجات المجموعة على الفرد وتقدر الانسجام والتماسك والترابط المتبادل، مما قد يفسر سبب امتلاك الأشخاص الذين نشأوا في ثقافات جماعية لعدد أقل من السمات النرجسية.
العوامل البيولوجية
قد تلعب بعض العوامل البيولوجية دورا في اضطراب الشخصية النرجسية. تظهر الأبحاث أن الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب لديهم مستويات أعلى من الإجهاد التأكسدي3 – أو اختلال التوازن بين الجذور الحرة الضارة ومضادات الأكسدة في الجسم – مما قد يؤثر على الصحة الجسدية والعقلية.
تُظهر فحوصات الدماغ للأشخاص المصابين باضطراب الشخصية النرجسية أنهم قد يعانون من اختلافات بنيوية في الدماغ، مثل انخفاض حجم المادة الرمادية في مناطق الدماغ المرتبطة بالتعاطف والتنظيم العاطفي والرحمة.
علاج اضطراب الشخصية النرجسية
قد يكون علاج اضطراب الشخصية النرجسية أمرا صعبا لأن العديد من النرجسيين يكافحون للاعتراف بأعراضهم، ومقاومة ردود الفعل، وإلقاء اللوم على الآخرين بسبب مشاكلهم وسلوكياتهم. ونتيجة لذلك، من المرجح أن يترددوا في تلقي العلاج.
تتضمن طرق علاج اضطراب الشخصية النرجسية عادةً شكلا من أشكال العلاج بالكلام (العلاج النفسي) لمساعدة الأشخاص على تطوير صورة ذاتية أكثر واقعية، واكتساب رؤى حول سلوكياتهم، وتعلم المهارات اللازمة لإدارة سلوكياتهم بشكل أفضل، وتكوين علاقات أكثر صحة مع الآخرين. قد يستخدم أخصائي الصحة النفسية نوعا واحدا أو أكثر من أنواع العلاج التالية:
- العلاج السلوكي المعرفي: يهدف إلى تحديد الأفكار وأنماط السلوك السلبية واستبدالها بأفكار وسلوكيات إيجابية.
- العلاج النفسي الديناميكي: يتضمن العمل مع معالج لاستكشاف التجارب السابقة وربطها بالعواطف والأفكار الحالية. يمكن أن يساعد هذا الشكل من العلاج في تحديد أنماط السلوك الضارة وتطوير وعي ذاتي أكبر. كما يساعد الأشخاص على فهم مشاعر الآخرين لتعزيز التعاطف. ومع ذلك، فهو علاج طويل الأمد يمكن أن يستغرق شهورا أو حتى سنوات
- العلاج بالمخططات: يركز على تحديد وتغيير أنماط التفكير والسلوك غير المستقرة التي تطورت في مرحلة الطفولة. في العلاج بالمخططات، يعمل الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية النرجسية مع المعالج لتحديد مخططاتهم الأساسية – أو المعتقدات الراسخة حول أنفسهم والعالم من حولهم. بمجرد تحديد هذه المخططات، يتعلم الأشخاص تحدي المخططات غير المفيدة واستبدالها بمعتقدات أكثر صحة وآليات مواجهة إيجابية.
التعايش مع اضطراب الشخصية النرجسية
إذا كنت مصابا باضطراب الشخصية النرجسية، فقد تكون لديك أفكار وسلوكيات مشوهة وآليات تكيف غير مفيدة أو ضارة تؤثر سلبا على علاقاتك وعملك ونوعية حياتك. يمكن أن يساعدك طلب العلاج على تحديد أنماطك غير الصحية وفهمها وتطوير أفكار وسلوكيات أكثر صحة. على الرغم من أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت، إلا أن التغيير ممكن ومن المحتمل أن يفيد كل جزء من حياتك.
يمكن أن يكون العيش مع النرجسي أو الاعتناء به مرهقا وصعبا من الناحية العاطفية.
هناك طرق للتأقلم وحماية نفسك من السلوكيات النرجسية الضارة. أولا، فكر في العمل مع أخصائي الصحة النفسية لمعالجة تجاربك وتطوير آليات تكيف صحية. ثانيا، طبّق ما تتعلمه من خلال وضع حدود صارمة والحفاظ عليها، والابتعاد عن الانفعالات العاطفية ومحاولات الاستغلال، والاعتماد على الأصدقاء الآخرين والعائلة للحصول على الدعم.
[1]