يعتقد الباحثون أنهم كشفوا أخيرا اسباب القشعريرة. إنه سؤال أذهل العلماء لعدة قرون. لقد فكر تشارلز داروين والعديد من العلماء المعاصرين في هذه القضية. وبالفعل فإن للقشعريرة وظيفة واضحة بالنسبة للحيوانات ذات الطبقة الكثيفة من الشعر، إذ تحميها من البرد. لكن لا يبدو أننا نحن البشر نستفيد حقا من هذا التفاعل البيولوجي. إذا، لماذا لا نزال نشعر بالقشعريرة؟
القشعريرة لدى أسلافنا
يقول بعض الباحثين: كان للقشعريرة وظيفة واضحة لدى أسلافنا الذين عاشوا منذ ملايين السنين وكان لديهم شعر جسم أكثر وأكثر سمكا. ربما استفادوا من مثل هذه الآلية. عندما نشعر بالقشعريرة، يمكن أن تتشكل طبقة عازلة من الهواء بين الشعيرات، مما يجعل الجسم يبرد بسرعة أقل. لذا فإن القشعريرة في الواقع تحتفظ بالحرارة وبالتالي تزيد من فرص البقاء على قيد الحياة.
بعبارة أخرى، إن القشعريرة هي من بقايا التطور الموروثة من أسلافنا. لكن السؤال هو لماذا لم يختفي رد الفعل هذا ببطء لدى البشر مع مرور الوقت. هل هي حقا مجرد بقايا، أم أنه لا يزال لديها وظيفة أساسية؟
القشعريرة لغز طويل الأمد
كانت ظاهرة القشعريرة لفترة طويلة ظاهرة غامضة. إذا كان الجو باردا، فإن القشعريرة لها وظيفة واضحة. كما أن الشعر المستقيم يمكن أن يجعل الحيوان يبدو أكبر حجما وبالتالي أكثر خطورة. ومع ذلك، فإن الناس لديهم القليل جدا من الشعر على أجسادهم للقيام بهذه الوظيفة الأخيرة المرعبة للقشعريرة. لا توجد قصص عن أسود ترتجف أمام شخص مصاب بالقشعريرة. كما أن الشعيرات المستقيمة لا توفر لنا طبقة عازلة ضد البرد. تعمل الملابس بشكل أفضل عدة مرات، كما أنها أكثر قبولا اجتماعيا. فلماذا نشعر بالقشعريرة؟
إقرأ أيضا:16 سببًا لتعلم السباحةفي دراسة جديدة، اكتشف الباحثون الآن سبب استمرار شعورنا بالقشعريرة. عندما تصاب بالقشعريرة، فإن الشعر الموجود على صدرك وساعديك وساقيك سوف يقف. يحدث هذا بسبب تقلص العضلات الموجودة في الجزء السفلي من بصيلات الشعر. من خلال تقلص العضلات، يتم إنشاء خدوش صغيرة في الجلد، وبالتالي يمكن رؤية الجلد المحيط بالشعر كالجبال الصغيرة. إن العضلات التي تنقبض لتسبب القشعريرة ضرورية للتواصل بين الخلايا الجذعية العصبية والبصيلات.
اتصال مهم
التفاعل بين العصب والعضلة معروف أيضا. وهذا يشكل الأساس الخلوي للقشعريرة: فالبرد يحفز الخلايا العصبية على إرسال إشارة عصبية وتتفاعل العضلات معها عن طريق سحب الشعر معا وتركه في وضع مستقيم. ولكن عندما ألقى الباحثون نظرة فاحصة على الجلد، اكتشفوا أن العصب لا يرتبط بالعضلة فحسب، بل يشكل أيضا اتصالا مباشرا بالخلايا الجذعية البصيلية. في الواقع، تلتف الأعصاب مثل الشريط حول هذه الخلايا الجذعية. هذه النتيجة مفاجئة ومثيرة للغاية لفهم أسباب القشعريرة.
البرد
اكتشف الباحثون أيضا كيف يمكن للبرودة الطويلة أن تجعل الأعصاب في حالة أعلى من اليقظة. في البرد، يطلق العصب الكثير من الناقلات العصبية. وهذا يسبب صرخة الرعب على المدى القصير. لكن إذا استمر البرد، فإنه يمكن أن يحفز المزيد من نمو الشعر على المدى الطويل. باختصار، ما تم اكتشافه هو أن الخلايا المسببة للقشعريرة (العصب والعضلات) ضرورية أيضا لتنظيم الخلايا الجذعية، التي تعمل على تجديد بصيلات الشعر.
إقرأ أيضا:الغوص في أعماق الدّماغ البشريّ والوعيتشكل بصيلات الشعر والخلايا الجذعية والأعصاب في الواقع دائرة مغلقة تحتاج إلى بعضها البعض. العصب هو مكون الإشارة الذي ينشط الخلايا الجذعية عبر الناقلات العصبية، بينما العضلات هي المكون الهيكلي الذي من خلاله يمكن للألياف العصبية أن تتصل مباشرة بالخلايا الجذعية.
وأكد الباحثون في تجارب لاحقة أن العضلات هي في الواقع حلقة وصل أساسية بين الأعصاب والخلايا الجذعية للجريب. وعندما قاموا بإزالة العضلة التي كانت متصلة ببصيلات الشعر، تراجع العصب أيضا وانقطع الاتصال بالخلايا الجذعية للبصيلات.
إقرأ أيضا:صفات الرجل النرجسي وكيفية التعامل معهبفضل الدراسة، أصبحنا نعرف الآن أخيرا سبب استمرار شعورنا بالقشعريرة. ولكن لماذا استغرقنا وقتا طويلا لمعرفة السبب وراء شيء عادي مثل القشعريرة؟ في الواقع هناك العديد من الظواهر الشائعة التي مازلنا لا نفهم أساسها البيولوجي الأساسي. إن الشعور بالقشعريرة هو مجرد مثال واحد.
على الرغم من أن الباحثين قد كشفوا الآن أسباب القشعريرة المفاجئة، إلا أن بعض الأسئلة لا تزال دون إجابة. على سبيل المثال، لا نشعر بالقشعريرة من البرد فحسب، بل أيضا، عندما نشعر بالخوف، أو نسمع موسيقى جميلة. لا نعرف بالضبط ما الذي يكمن وراء ذلك. سيكون هذا شيئا مثيرا للاهتمام لاستكشافه في المستقبل.